تقارير وتحقيقاتيسلايدريشريط

سيدي أحمد البدوي: شيخ مشايخ الصوفية ومؤسس الطريقة البدوية

هايدي زوين

يعد سيدي أحمد البدوي من أبرز الشخصيات الصوفية في العالم الإسلامي، واسمه الكامل أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر، وينتهي نسبه إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وُلد في مدينة فاس المغربية عام 596 هـ (1199 م) لعائلة علوية هاجرت من الحجاز إلى المغرب في عام 73 هـ هربًا من اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي للعلويين في عهد الدولة الأموية.

استقرت عائلته في مدينة فاس لمدة نحو خمسة قرون، حيث تزوج جده الشريف إبراهيم من ابنة شقيق ال سلطان، وأنجب علي، الذي تزوج من فاطمة بنت محمد أحمد بن مدين، وأنجبا ستة أبناء كان أصغرهم أحمد البدوي.

ومع اضطراب الأوضاع في المغرب بسبب قيام دولة الموحدين وعودة اضطهاد العلويين، قررت الأسرة الهجرة مجددًا إلى الحجاز. وبعد ست سنوات من الاستقرار في مكة، توفي والد أحمد البدوي وهو في سن 13، ليبدأ حياة الزهد والعبادة. انقطع عن الناس ورفض الزواج، واشتهر بتغطية وجهه باللثام، وهي عادة مأخوذة من أهل البادية، ما أكسبه لقب “البدوي”.

خلال رحلته الروحية، تأثر البدوي بتعاليم كبار الصوفية، مثل عبد القادر الجيلاني وأحمد الرفاعي. وفي نهاية الثلاثينات من عمره، انتقل إلى العراق حيث أقام في مدينة الموصل، وهناك حاولت سيدة تُدعى فاطمة بنت بري إغواءه لجماله، لكنها لم تفلح، فتحولت هي وقبيلتها إلى اتباع طريقته الصوفية.

عاد أحمد البدوي إلى الحجاز، وفي أوائل الأربعينات من عمره تلقى رؤية متكررة في المنام تأمره بالانتقال إلى مصر وتحديدًا إلى مدينة طنطا. استجاب للرؤية وانتقل إلى طنطا حيث التقى بالشيخ ركين التاجي واستقر معه. خلال فترة إقامته، اشتهر بتعاليمه الصوفية وتأثيره الروحي
الإمام الشعراني وصف أحمد البدوي بأنه كان طويل القامة، غليظ الساقين، واسع الوجه، ولون بشرته قمحي، كما كان يحمل علامات لمرض الجدري. بعد وفاة والده، تكفل شقيقه الأكبر حسن برعايته.

وتُنسب إلى البدوي العديد من الكرامات، وأشهرها تحرير الأسرى المصريين من أوروبا خلال الحروب الصليبية، مما أدى إلى انتشار القول الشعبي “الله الله يا بدوي جاب اليسرى” في التراث المصري. رغم هذه الكرامات، تعرض البدوي لانتقادات من بعض العلماء الإسلاميين الذين اتهموه بالتشيع والتمثيل بالجنون.

توفي أحمد البدوي عام 675 هـ ودُفن في طنطا، وتحول منزله إلى مزار لأتباعه. في عهد السلطان الأشرف قايتباي، بُنيت قبة فوق ضريحه وأُنشئت مئذنة. وفي القرن الثاني عشر الهجري، قام علي بك الكبير بتشييد مسجد كبير بجوار الضريح، وأضاف ثلاث قباب ومقصورة نحاسية نقشت عليها أسماء البدوي ونسبه.

اليوم، يُعتبر السيد أحمد البدوي من أهم رموز الصوفية في مصر، ومؤسس الطريقة البدوية الشهيرة ذات الراية الحمراء. ويحتفل بمولده سنويًا في طنطا، وهو احتفال يجتذب الآلاف من مريديه ومحبيه، حيث يظل البدوي رمزًا للروحانية والتصوف في مصر والعالم الإسلامي

هايدي زوين

هايدي زوين كاتبة صحفية بموقع الواقع نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى