الأكثر قراءةتقارير وتحقيقاتيسلايدريشريط

لايفات تيك توك «أسرار الدعم الضخم ومصادر الأموال المشبوهة»

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، وسيلة جديدة لتحقيق الأرباح السريعة، حيث انتشرت ظاهرة البث المباشر “اللايفات” التي أصبحت مصدر دخل كبير لصناع المحتوى، وذلك من خلال الهدايا الرقمية التي يرسلها المتابعون، والتي يمكن تحويلها إلى أموال نقدية. ومع تصاعد هذه الظاهرة، أثيرت تساؤلات كثيرة حول مصدر هذه الأموال، وأسباب إنفاقها بكميات هائلة، وعلاقتها بالمحتوى المثير للجدل، بما في ذلك المحتوى الجنسي، فضلًا عن احتمالية استخدامها في عمليات غسيل الأموال.

تعتمد آلية تحقيق الأرباح في لايفات تيك توك على الهدايا الرقمية التي يشتريها المستخدمون بأموال حقيقية ثم يرسلونها خلال البث المباشر. تحصل المنصة على نسبة من هذه الأموال، بينما يحتفظ صانع المحتوى بالباقي.

لكن الغموض يحيط بمصدر هذه الأموال، إذ يصعب تصديق أن ينفق بعض الأشخاص مئات الآلاف أو حتى الملايين على دعم شخص لمجرد الترفيه، مما يثير الشكوك حول احتمالية ارتباطها بأنشطة غير قانونية، مثل غسيل الأموال، أو الاحتيال الإلكتروني، أو سرقة البطاقات الائتمانية.

تتنوع دوافع الممولين لهذه الظاهرة، فالبعض يقدم الأموال بدافع التباهي والاستعراض، حيث يسعون لإثبات مدى ثرائهم من خلال إرسال هدايا ضخمة، بينما يستخدم آخرون هذه الأموال لبناء نفوذ داخل مجتمع تيك توك، عبر التقرب من المؤثرين أو التأثير على محتواهم.

كما أن هناك من يدعم صناع المحتوى لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية، حيث يتم استغلالهم لنشر رسائل أو أفكار معينة تخدم مصالح محددة.من الجوانب المثيرة للجدل أيضًا دخول المحتوى الجنسي في هذه الظاهرة، حيث يلجأ بعض صناع المحتوى إلى الإيحاءات الحسية والملابس الجريئة لجذب المتابعين وحثّهم على إرسال المزيد من الهدايا.

في بعض الحالات، يتحول الأمر إلى استغلال مباشر، حيث يتم تقديم عروض خاصة للداعمين الكبار مقابل المال، مما يجعل المنصة بيئة خصبة لأنواع مختلفة من الاستغلال، بما في ذلك استهداف القُصّر بمحتوى غير مناسب.

كما تثار مزاعم حول شبكات مشبوهة تضم سفر الفتيات إلى داعمين معينين، بالإضافة إلى دعم شخصيات متهمة بالشذوذ الجنسي والترويج لها عبر المنصة.

يعد غسيل الأموال أحد أخطر الجوانب المرتبطة بهذه الظاهرة، حيث يتم شراء الهدايا الرقمية بأموال غير مشروعة ثم إرسالها إلى حسابات متفق عليها ليتم سحبها لاحقًا كمبالغ نظيفة.

تتم هذه العمليات بطريقة معقدة يصعب تتبعها، مما يجعل تيك توك بيئة مثالية لتمرير الأموال غير القانونية. تبدأ هذه العمليات بشراء الهدايا بأموال مجهولة المصدر، ثم توزيعها عبر اللايفات، قبل أن يتم سحبها وإعادة تدويرها في الاقتصاد الرسمي.

انتشار هذه الظاهرة له تأثيرات خطيرة على المجتمع، حيث تشجع على الكسب السهل دون مجهود، وتؤثر على القيم الاجتماعية من خلال الترويج للاستعراض والتباهي بدلًا من العمل الجاد.

كما أنها قد تؤدي إلى أضرار اقتصادية، خاصة إذا استمرت عمليات غسيل الأموال دون رقابة، مما يهدد الاستقرار المالي للدول. وبالإضافة إلى المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، تستخدم بعض الجهات هذه الظاهرة كأداة للحرب الإلكترونية، حيث يتم تسليط الضوء على شخصيات لا تصلح أن تكون واجهة للمجتمع بهدف التأثير على الأجيال القادمة وزعزعة القيم والثقافة المحلية.

لمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري فرض رقابة صارمة على المعاملات المالية داخل تيك توك، وإلزام المنصة بالكشف عن مصادر الأموال الكبيرة.

كما يجب تعزيز الوعي المجتمعي بالمخاطر التي تنطوي عليها هذه الظاهرة، سواء فيما يتعلق بالتلاعب بالمحتوى، أو استغلال القُصّر، أو انتشار الأموال المشبوهة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الجهات المختصة التعاون مع المنصات الرقمية لمكافحة هذه الأنشطة غير القانونية، وضمان أن تبقى وسائل التواصل الاجتماعي بيئة آمنة خالية من الاستغلال المالي والتأثير السلبي على المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى