زيارة تاريخية لتعزيز التحالف الاستراتيجي بين القاهرة وباريس

في مشهد لافت جمع بين الدبلوماسية والتاريخ، اصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأحد، في جولة مميزة داخل حي الحسين وخان الخليلي، أحد أعرق أحياء القاهرة التاريخية، وذلك في مستهل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى مصر تستغرق ثلاثة أيام.
وشهدت الجولة ترحيبًا شعبيًا كبيرًا، حيث هتف المواطنون خلال مرور الرئيس السيسي قائلين: «بنحبك يا ريس، بنحبك يا ريس»، في تعبير عفوي عن دعمهم للرئيس المصري واستقبالهم الحار للضيف الفرنسي.وخلال الجولة، قال الرئيس السيسي لماكرون: «أنا اتولدت هنا»، مشيرًا إلى أنه عايش في هذه المنطقة وشهد وجود «اليهود والإنجليز واليونانيين والأرمن»، ما يعكس التنوع الحضاري الذي ميز الحي على مر العقود.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصل إلى القاهرة، مساء الأحد، في زيارة رسمية تستمر لمدة 48 ساعة، وركّز في أول تعليق له على طابع التعاون العسكري بين البلدين، حيث نشر مقطع فيديو عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» يظهر طائرات «رافال» المصرية ترافق طائرته الرئاسية خلال دخولها الأجواء المصرية، وعلق قائلاً: «وصلنا إلى مصر برفقة طائرات رافال المصرية، فخورون بهذا لأنه يعد رمزًا قويًا للتعاون الاستراتيجي بيننا».
وتتضمن الزيارة الرسمية اجتماعًا ثنائيًا بين الرئيسين المصري والفرنسي اليوم الإثنين، لمناقشة عدد من الملفات الإقليمية والدولية، في مقدمتها سبل استعادة الهدوء ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، إضافة إلى بحث الخطة العربية لإعادة إعمار القطاع، وتخفيف حدة التصعيد في المنطقة.
ويُعقد على هامش اللقاء قمة ثلاثية تجمع السيسي وماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لبحث التطورات الخطيرة في الأراضي الفلسطينية، والتنسيق المشترك حيال جهود التهدئة.
يرافق الرئيس الفرنسي وفد وزاري رفيع المستوى يضم وزراء الاقتصاد، والنقل، والتعليم، والصحة، والطاقة، في دلالة واضحة على الطابع الاقتصادي البارز للزيارة.
ومن المقرر أن يشارك ماكرون في جلسة منتدى الأعمال المصري-الفرنسي، إلى جانب زيارة ميدانية لأحد خطوط مترو أنفاق القاهرة الذي تديره شركة فرنسية، كما سيقوم بجولة في جامعة القاهرة.
واستهل الرئيس الفرنسي زيارته بجولة داخل المتحف المصري الكبير، حيث شاهد عددًا من القطع الأثرية الهامة وتفقد قاعات العرض الرئيسية، في مؤشر على اهتمامه بالبعد الثقافي والتاريخي للعلاقات بين البلدين.
من المتوقع أن تسفر الزيارة عن توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة في مجالات الاقتصاد، والتعليم الأساسي والجامعي، والطاقة، والتنمية، والنقل، والصحة، وغيرها. كما سيتم توقيع اتفاقيات تعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية وعدد من الوزارات المصرية لتنفيذ مشروعات حيوية تمثل أولوية للحكومة المصرية.
وتأتي زيارة ماكرون في وقت تسعى فيه القاهرة وباريس إلى ترفيع مستوى العلاقات إلى «شراكة استراتيجية»، تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار والإنتاج، خاصة في ظل تعاون ثنائي واسع يشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة والنقل والتعليم والصحة.وتُعد فرنسا واحدة من أبرز شركاء مصر التجاريين داخل الاتحاد الأوروبي، ومن أكبر الدول المستثمرة في السوق المصرية، حيث تدير شركات فرنسية عدة مشروعات استراتيجية في مجالات النقل والطاقة والمرافق.






