بقلم أحمد زيدان
المجالس المحلية هي أحد الأعمدة الأساسية في هيكل الحكم المحلي، وهي ضرورية لضمان تفعيل التنمية في المحافظات والمدن والمناطق الريفية. تكمن أهمية هذه المجالس في قدرتها على تمثيل صوت المواطن بشكل مباشر، حيث تعمل كحلقة وصل بين السكان المحليين والجهات التنفيذية في الحكومة. فبغياب المجالس المحلية، تضعف الرقابة على التنفيذيين، وتفقد القرارات الحكومية جزءًا كبيرًا من الشرعية والقبول الشعبي.
أهمية المجالس المحلية في تحقيق التنمية:
1. التخطيط المحلي المبني على الاحتياجات الفعلية: المجالس المحلية تُعدّ الأقدر على معرفة احتياجات السكان بشكل مباشر، ما يمكّنها من وضع خطط ومشاريع تنموية تتناسب مع الظروف المحلية. فهي تمثل الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، وتعمل على توجيه الموارد بشكل أكثر كفاءة لتحقيق الأهداف التنموية.
2. الرقابة على الأداء التنفيذي: تعتبر المجالس المحلية الجهة المسؤولة عن مراقبة عمل الجهات التنفيذية في الحكومة. فهي تساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال متابعة سير المشاريع والخدمات العامة، والتأكد من تنفيذها بما يخدم مصلحة المواطنين. غياب هذه الرقابة يؤدي إلى انتشار الفساد وضعف في تحقيق الأهداف التنموية.
3. تعزيز المشاركة المجتمعية:من خلال عملها، تمكّن المجالس المحلية المواطنين من المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم اليومية. هذه المشاركة الفعالة تعزز من إحساس المواطنين بالمسؤولية تجاه مجتمعهم وتشجعهم على المشاركة في إدارة شؤونهم المحلية.
4. توزيع الموارد بشكل عادل: تعمل المجالس المحلية على ضمان توزيع الموارد الحكومية بشكل عادل بين المناطق المختلفة، وتفادي تركيزها في المناطق الحضرية على حساب المناطق الريفية أو النائية. هذا التوزيع العادل يسهم في تحقيق التنمية المتوازنة ويمنع الفجوات التنموية بين المناطق.
غياب المجالس المحلية وتأثيره السلبي:
إن غياب المجالس المحلية يعرض العملية التنموية في المحافظات إلى العديد من التحديات، منها:
1. ضعف الاستجابة لاحتياجات المواطنين: في ظل غياب المجالس المحلية، تكون القرارات الحكومية مركزية ومرتبطة بالعاصمة أو بمقرات الوزارات، ما يجعلها بعيدة عن الواقع المحلي. وبالتالي، قد لا تعكس تلك القرارات احتياجات المواطنين الفعلية، مما يزيد من استياء الشارع ويفاقم المشكلات الاجتماعية.
2. زيادة الفساد والإفلات من المساءلة: غياب الرقابة المحلية يؤدي إلى ضعف في مساءلة الجهات التنفيذية على مستوى المحافظات، مما يتيح مجالاً أكبر للفساد وسوء الإدارة.
3. تعطيل المشاريع التنموية: بدون المجالس المحلية، يصبح تنفيذ المشاريع التنموية بطيئاً أو غير متسق مع أولويات المجتمعات المحلية، مما يؤخر تحقيق التنمية المطلوبة ويعوق تحسين مستوى الحياة.
المحليات في السياق الدولي:
لا توجد دولة في العالم تعمل بنجاح دون وجود هياكل حكم محلية أو مجالس بلدية تدير شؤون المحافظات. فالدول المتقدمة تعتمد على المجالس المحلية لضمان توزيع الموارد بشكل منصف ومراقبة تنفيذ المشاريع والخدمات العامة. كما تُعد هذه المجالس جزءاً أساسياً من الديمقراطية التشاركية، حيث تُمكن المواطنين من المشاركة الفعالة في صناعة القرار المحلي.
خاتمة:
إن وجود المجالس المحلية ليس مجرد رفاهية أو عنصر ثانوي في النظام السياسي، بل هو ضرورة لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة. فبدون هذه المجالس، تغيب الرقابة على الجهات التنفيذية وتضعف استجابة الدولة لاحتياجات المواطنين. لذلك، من الضروري تعزيز دور المجالس المحلية وتفعيلها كأداة أساسية لضمان تحقيق التنمية العادلة والمستدامة في جميع المناطق.