بقلم أحمد زيدان
نحن نعيش في زمن باتت فيه الأمور مقلوبة بشكل يصعب تفسيره. ما نراه اليوم من انفجارٍ مالي وثراء مفاجئ لبعض الفنانين الذين يروجون لمحتوى هابط يدفعنا للتساؤل: من أين تأتي كل هذه الأموال؟ هل نحن السبب في نجاحهم وانتشارهم؟
الواقع يقول إن الكثير من هذه الأموال تأتي من جمهور متعطش لسماع كل ما هو جديد، بغض النظر عن قيمته أو تأثيره السلبي. نحن في زمن أصبح فيه التوجه نحو “الترند” هو ما يحكم السوق. فالناس تدفع أموالهم من أجل الاستماع إلى ما يثير فضولهم، ولو كان ذلك المحتوى يسيء لآذانهم وعقولهم. المؤسف أكثر هو أن هؤلاء الفنانين الذين يعتذر المرء عن استخدام كلمة “فنان” لوصفهم، يجدون في هذا الجمهور الوقود الذي يشعل مسيرتهم.
ليس غريبًا أن نرى هؤلاء الفنانين يعتلون المسارح ويخاطبون جمهورهم بألفاظ مثل “أنا أحب الأغنياء”، متجاهلين الطبقة الفقيرة التي كانت في الماضي هي الداعمة للفن الشعبي الأصيل. إنهم يغذون مشاعر التفوق المادي والاستفزاز دون اهتمام بما يقدمه هذا الفن من محتوى مفرغ من القيم.
لكن هل الخطأ بالكامل يقع على عاتق هؤلاء الفنانين؟ أم أن جزءًا من اللوم يجب أن يتحمله الجمهور؟ العيب ليس فقط في من يبيع هذا المحتوى، بل في من يستهلكه ويدفع الأموال لنشره. نحن بحاجة إلى وقفة جماعية لنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسبهم.
الأمر تجاوز حدود الأذواق الفنية إلى حد أصبح فيه الفن أداة لتشويه القيم والمبادئ. الملابس، التصرفات، وحتى الكلمات أصبحت تحمل رسالة مشوهة، ترسخ لمفاهيم مادية وانحلالية.